ملفات أوجعت قلبي... فأردت التذكير
بسم الله و الحمد لله و الصّلاة و السّلام على رسول الله
قال تعالى :
لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
[النساء: 148]
بينما كنّا نقلب تلك الملفات القديمة ... التي احتفظ بها حبيب علينا...
إذ وجدنا فيها ما لم أرضه و لا يرضاه...
إنها ملفات فيها بعض المخالفات
احتفظ بها و نسيها ثم تاب الله عليه...
لكن نسي أنها محفوظة و منسوبة إليه و أي أحد يستطيع الإطلاع عليها...
أحرجتُ كثيرا... و استحييتُ...
و غِرتُ عليه إذ أنّه لم يستر نفسه بعد توبته...
و أحببتُ اتلاف تلك الملفات و ستره رغم علمي يقينا بتوبته و التزامه منذ زمن
و نحسبه على خير و الله حسيبه...
و إنّي ما أحببته إلا لله و في الله... لحسن خلقه و جميل أدبه...
فبقيت و في قلبي شيء إذ أني ما أحببتُ أن أرى ما رأيتُ... و لا أطلعُ على ما اطلعتُ...
لكن الله قدّر أن أطلع عليها... قدرا حينما كنت أبحث عن محاسن ملفاته...
فقلت :'إنّ الله يحبه' فيجب أن أنصحه باتلاف ما يجب اتلافه ...
فأردت أن أجمع هذه الكلمات عسى الله ينفع بها...
و لا سيم أنه لا يسلم الواحد منّا من بعض المخالفات في الشبكة العنكبوتية...
خاصة قبل اتوبة..
فبعضنا يترك تلك الصور التي تخالف آداب الغسلام على الجدار على الفيس بوك...
ثم يتوب الله عليه ...
و تبقى تلك الصور و قد نسيها ...
و قد يطلع عليها غيره ...
فإمّا أن يذنب بالنظر لها...
أو أن يظن في أخاه المسلم سوء..
أو حين يريد أن ينصح أحد.. فيطلع على تلك الملفات فتقل الثقة فيه...
فالإنسان لا يحكم إلا على الظاهر...
و إن سَلِم و ظنّ الخير ...
يتحسر كيف يترك فلان تلك الصور على جداره...
أو قد يتهاون فيفعل مثل ما فعل تعللا أن فلان صالح و قد وضع تلك الصورة ..
لكن نسي أن ذلك قبل توبته...
و نفس الشيء ... تلك التعليقات و المحادثات في المنتدى
فقد يكون فيها بعض المخالفات...
كعدم تورعه في اختيار الالفاظ بين الجنسين ...
أو وضعه لروابط تخالف شرع ربّنا ...
فينسى الانسان تلك الهفوات التي تــــــاب عنها و لم يعد لها...
لكن ...
تبقى تلك السطور منحوته... جهرا دون ستر
و ساضرب مثال بالقمامة -أعزكم الله-
فالإنسان يرمي في القمامة ما فسد... فترى بيته نظيف
لكن ان لم يغطي تلك القمامة أو يتلفها فإنّ رائحتها ستبقى
و قد يستاء كلّ من دخل البيت من رائحة القمامة...
رغم أنه يجد البيت نظيف و صاحبه لا يترك اي متسخ...
فقط نسي أن يستر وعاء القمامة أو يغطيها...
-أعزّكم الله-
و تلك الرائحة هي ما كتبناه و خلدته أيدينا في المنتديات
فإن كانت تغضب الله و هي باقية فستبقى رائحتها كريهة
فإن كانت ترضي الله فرائحتها عطرة بل هي رزق يجلب الحسنات
قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]
وقال أيضًا: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]
فالله سبحانه و تعالى دائما يدعونا لتدبر القرآن و النظر فيه فكلّ آية
قال تعالى : {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ [النساء: 148]
فكلّ سيئة أو ذنب أو قول أو صورة سيئة لا حبّ الله أن يجهر بها...
لأن هذا قد ينشر الرذيلة... و قد يساعد على التعاون على الإثم...
و سأضرب مثال :
أخ تاب الله عليه فأصبح قدوة في أحد المنتديات...
و بعض المشتركين الجدد تاثروا به فأصبحوا يقلبوا مشاركاته القديمة...
فوجدوا أنه لا يتورع في الخطاب مع بعض النساء (قبل توبته)...
فيظنوا أن ذلك جائز... و قد يقتدوا بتلك المشاركات...
أو قد ياتي يوم و يريدون الطعن في عرضه و أمانته و أخلاقه...
و لهذا على المسلم أن يستر نفسه
قال تعالى : {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ [النساء: 148]
فإن كان الله سبحانه لا يحب الجهر فإنه يحب الضد و هو الستر
و الستر في اللغة: تغطية الشيء، وستَر الشيء يستُرُه سترًا؛ أي: أخفاه، وتستَّر؛ أي: تغطَّى،
أي: من شأنه وإرادته حبُّ الستر والصون لعباده، ويُقال: رجل ستور وسِتِّير؛ أي: عفيف.
"لسان العرب" (4/ 343- 345)
و ذكر في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز ، فصعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال :
إن الله عز وجل حيي ستير ، يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر.
الراوي: يعلى بن أمية المحدث: النووي - المصدر: الخلاصة - الصفحة أو الرقم: 1/204
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فينبغي على المسلم أن يحب الصيفات التي يحبه الله تعالى ... و هي الستر و الحياء
و الستر اصطلاحًا: "ستر المسلم هو تغطية عيوبه وإخفاء هناته" "الترغيب والترهيب"؛ للمنذري (3/ 237)
و الاحاديث كثيرة جدّا في حث الستر على المسلم... و لا تخفى علينا...
و ثواب الستر على المسلمين عظيم
عن أبي هريرة - رضِي الله عنه -: عن النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم قال:
((لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستَرَه الله يوم القيامة))
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2590
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وعنه - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم
((مَن ستَر مسلمًا ستَرَه الله في الدنيا والآخرة))
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2078
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -:
((مَن رأى عورة فسترها، كان كمَن أحيا موءودة من قبرها))
الراوي: عقبة بن عامر المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 8683
خلاصة حكم المحدث: حسن
قال محمد آبادي - رحمه الله -:
"المعنى: مَن علم عيبًا أو أمرًا قبيحًا في مسلم، وقال العزيزي: أي: خصلة قبيحة من أخيه المؤمن، ولو معصية قد انقضَتْ ولم يتجاهَر بفعلها ((كان كمَن أحيا))؛ أي: كان ثوابه كثواب مَن أحيا ((موءودة))؛ بأن رأى أحدًا يريد وَأْدَ بنتٍ فمَنَع أو سعى في خلاصها ولو بحيلة، وقيل: بأن رأى حيًّا مدفونًا في قبرٍ فأخرج ذلك المدفون من القبر كيلا يموت، قال المناوي - رحمه الله -["فيض القدير" (6/ 130)]: وجه الشبه أن الساتر دفَع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي كالموت، فكأنه أحياه، كما دفع الموت عن الموءودة مَن أخرجها من القبر قبل أن تموت"
"عون المعبود" (5/ 168)
فإن كان هذا في حق ستر الغير... فهو في ستر أنفسنا أولى...
بل و أفضل !!!
فإن لم تكن مستورة... فهي جهرا لكل الناس...
و هذه الصفحات و التي بقية محفوظة و كأنها مجاهرة...
تذكر فيها المعصية لكل الناس
و قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((كل أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه))
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6069
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لينبغي على المسلم أن يستر نفسه...
قال بعض العلماء:
"اجتهِد أن تستر العصاة؛ فإن ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب"
"الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية" (1/ 441)
وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -:
"المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير"
"جامع العلوم والحكم" (1/ 82)
كيف و إن كنا نحن لا نستر أنفسنا ؟؟؟
دعوة إلى كلّ إخواننا و أخواتنا أن يراجعوا ما كتبت أيديهم و يحذفوا ما لا يرضاه الله تعالى ...
و علينا أن نتناصح و نتعاون على البرّ و التقوى
إني أحبكم في الله
طرفة:
كنت في المسجد و من حولي الاطفال... فقام أحدهم بصوت مرتفع و قال "فلان إني أحبك في الله" و إذ بصبي قد اوسد ظهره على جنبي و انشغل يلعب التفت إلي و قال " أنا زادا نحبك في اللعب" (لم يسمع الآخر جيدا لسرعة حديثه فظن لفظ الله لفظا آخر حمله على ما هو فيه من الإنشغال "اللعب")
الخميس يناير 05, 2012 10:45 pm
